Wednesday, April 9, 2014

الجسيمات الاولية


ما هي وحدة بناء المادة ؟
الاجابة تكمن في البحث عن المكون الأبسط للمادة , و الذي اقصده هنا عن الوحدة البنائية الاساسيه هو عدم وجود تركيب داخلي لتلك الوحدة . لذلك فسوف نذهب معا في رحله ممتعه بحثا عن اجابة لهذا التساؤل .
منذ بدأ الخليقه و الناس يفكرون في اجابه لهذا السؤال – مما يتكون الكون ؟ .. و تأخذهم الأبصار و يفكرون فيما حولهم ليعتقدوا الأرض و الهواء و النار و الماء اجابة كافية للتساؤل المطروح .
و استمرارا للجهد الإنساني بحثا عن اجابه لهذا السؤال , ففي سنة 1900 اعتبر الناس أن الذره هو هي كرة بداخلها جسيمات مشحونه بشحنات كهربيه, ولكن الذرات لها تركيب داخلي فترتيبها في جدول ( الجدول الدوري ) يدل علي أن لها تركيب داخلي يحدد صفاتها . عندئذ ضاع الأمل في الاجابه علي السؤال المطروح , فتصور الذره علي أنها كرة اسكواش بدون تركيب داخلي تصور خاطي , فقد كشفت التجارب العمليه وجود نواة للذره لها شحنة كهربيه موجبه و سحابه من الاكترونات ولها شحنة كهربيه سالبه . ان الشئ المهدهش حاليا عندما تقول ان مفهوم الذرة هي الوحدة البنائيه الاساسية للكون هو مصطلح خاطئ , بل ان مصطلح ذره atom هو مفهوم خاطئ فمعناه الشئ الذي لا ينقسم و هذا هو سبب الخطأ في التسمية

لذلك فخروجا من الازمه علينا التفكير في اتخاذ النواه كوحدة اساسيه 
لكن .. لا
فالنواه لها تركيب داخلي و ثبت انها تتكون من بروتونات و نيترونات
اذن دعنا نقول ان البروتونات و النيترونات عما وحدتا البناء الاساسية 
لكن ايضا .. لا
لطفا ....
فان الفيزيائيون قد اكتشفو ان البروتونات و النيترونات تتركب من جسيمات اصغر تسمي كواركات , و الكوارك ليس له تركيب داخلي فيمكن اعتباره كنقطه في الفراغ 
و بذلك يكون الكوارك وحدة بنائيه اساسيه FUNDAMENTAL
بالتالي نسمي الكوارك جسيم اولي 

هل الالكترون جسيم اولي ؟
الاجابه : نعم .. لانه ليس له تركيب داخلي 

الان لو سلطنا الضوء ومضة ضوء علي النموزج الحديث للذرة فاننا نجد الالكترونات لها حركة ثابتة حول النواة , و البروتونات و النيترونات يهتز داخل النواة , و الكواركات تهتز داخل البروتونات و النيترونات , كما يدلنا النموزج علي ان معظم حجم الذرة فراغ 
لذلك نستنتج ان ابعاد مكونات الذره صغيره جداااا فمثلا الكوارك يمثل 1/100,000,000 من حجك الذرة نفسها يعني و طبعا كده نقدر نستنتج ان ابعاد الكوارك اصغر من 10 مرفوعه لأس اقل من (-18) و هذا يجبرنا ان نعتبر الكوارك نقظه مادية

standard model :
هذا النموزج يحتوي علي شرح لمفاهيم وحدة بناء المادة و القوي او التفاعلات بينها عن طريق :
6 كواركات
6 ليبتونات ( مفردها ليبتون ) و من اشهرها الاكترون
فكل المواد المعروفة تتكون من كواركات و ليبتونات و تتفاعل مع بعضها عن طريق الجسيمات حاملات القوة و التي تفسر عدة اسئله من ضمنها كيف تتجازب جزيئات المادة ؟ , و كيف تتجازب الذرات لبعضها ؟ , و كيف تتجازب البروتونات داخل النواة لبعضها علي الرغم من كونها جسيمات لها نفس الشحنه ؟ .... كل هذه الاسئله سوف اجيب عليها عن طريق معرفتنا بما يسمي الاجسام حاملة القوه force carrier particl 
وعلي الرغم من ان توقعات هذه النظرية قد اثبتتها التجارب العمليه لكن للاسف فان هذه النظرية لم تشرح كل شئ فلم تحتوي هذه النظريه علي مايسمي بالجازبية و التي تحوم حولها الاسئله بدون اجابات حتي الان .
.
الجسم والجسم المضاد :
عرفنا فيما سبق ان المادة تتكون من كواركات و ليبتونات كوحدات بناء اساسية ولكن
ليس هذا كل شئ فسلوك الكواركات تختلف عن سلوك اللبتونات
و كما نعلم فان كل جسم له جسم مضاد فمثلا الكوارك له anti-quark
و الجسم المضاد مثل الاجسام العادية الا انها تختلف في الشحنه فمثلا anti proton له شحنه سالبه و هنا اريد ان اذكر بان الـ positron وهو الجسم المضاد للاكترون هو تسمية شاذه
و الجدير بالزكر انه عندما يلتقيا الجسمان ( الجسم و الجسم المضاد ) فانهما يختفيان و تظهر طاقة

الكواركات:
هي نوع من الجسيمات الاوليه و لها 6 انواع هي 
(up / down ) , ( charm / strang) , ( top / pottom )
و قد وضعتهم في ازواج حتي يسهل حفظهم 
و الكواركات لها شحنه كهربيه اقل من 1 علي العكس من شحنه البروتونات و الالكترونات و التي تمتلك شحنه كهربي 1 و -1 
فشحنه ال up , charm , top هي 2/3
و شحنه ال down , strang , pottom هي -1/3
ان الشئ الذي سوف يثير اعجابك هو معرفتك حالا بان الكواركات تحمل نوع اخر من الشحنه غير الشحنه الكهربيه و تسمي color charge , وسوف ارجي الحديث عنها الان
من صفات الكواركات عدم وجودها منفردة و انما توجد في تجمعات عندئذ نسميها (هادرونات ) .
و بالرغم من ان الكوارك منفرد له كسر من الشحنه الكهربيه فان الهادرون له شحنه كهربية تأخد عدد صحيح .
و تنقسم الهادرونات الي قسمين 
1- الباريونات ( مفرها باريون )
2- الميزونات ( مفرها ميزون )
اولا : الباريونات
يتكون الباريون من 3 كواركات (qqq) 
و من امثلة الباريون البروتون و النيترون
أ- البروتون و حتوي علي 3 كواركات اثنين منهم من النوع up و الثالث من النوع down أي ان البروتون يتكون كالتالي ( uud )
ب- النيترون ويحتوي علي 3 كواركات كالتالي ( udd )
ثانيا : الميزونات 
و الميزون يتكون من كوارك والجسم المضاد له أي( q q- )
و من امثلة الميزونات البيونات (منها البيونات المشحنونه و البيونات المتعادله )
فالبيون الموجب يتكون من (u d- ) أي من كوارك u p ) ) و ال down anti-quark
و لتكون عملية الفهم اسهل اطرح سؤال للتزكير
مما يتكون الجسم المضاد للبيون الموجب ؟ و ماتسميته ؟
و الاجابة تبدو واضحة فكما قلت ان الجسم المضاد يختلف في الشحنه الكهربيه فان الجسم المضاد للبيون الموجب هو البيون السالب و تلك هي اذن التسميه
اما مما يتكون ؟ فان الاجابة تكون اسهل 
فهو بالطبع يتكون من الاجسام المضادة للاجسام المكونه للبيون الموجب اي يتكون من ( d u- ) أي يتكون من down quark and up anti-quark

و حيت ان الميزون يتكون من الجسم و الجسم المضاد للكوارك فانه غير مستقر .
, و تجدر الاشاره هنا الي ان الميزون k له اطول فترة حياة بالمقارنة مع الميزونات الاخري و يسمي هذا الميون باسم strang و ذلك نسبة للكوارك strang المكون لهذا الميزون .

الليبتونات :
هل تصدق بوجود جسم اصغر من الالكترون ؟!

هناك ليبتونات مشحونه كهربيا و اخري غير مشحونه
1-الليبتونات المشحونه مثل : الالكترون و الميو (moun ) والتاو tau ) ) ولهم جميعا شحنه سالبة
2-الليبتونات الغير مشحونه : وهي النيترينو المقابل لكل جسيم من الجسيمات السابق و هم
أ‌-e- neutrino
ب- moun – neutrino
ج- tau-neutrino
اذن يمكن ان اقسم الليبتونات الي 3 عائلات
العائلة الاولي : و هي الالكترون و النيترينو المطابق له
العئلة الثانية : و هي التاو و النيترينو المطابق له
العائلة الثالثه و هي الميو و النيترينو المطابق له
و احب ان انشير هنا الي شئ مهم و هي تسمية ليبتون فهي تعني الجسيم ذو الكتلة الصغيرة جدااااااا
سوف تعجب عندما اقول لك ان هذه التسمية خاطئه
لماذا ؟
لاننا نجد ان كتلة ال tau اكبر من كتلة الالكترون بحاولي 3000 مرة
لو اعتبرت الالكترون في حجم قطة سوف تجد ان النيترينو بمثابة حشرة قارضه في فراء القطة !!
حقا انه لشئ ممتع ان تكون الفيزياء بهذا التبسيط
الان ليست كل الجسمات الاوليه نقول انها موجودة في الطبيعة لان منها ما له فتره حياه قصيرة جدااا حيث تتحل الي ما هو ابسط منها 
فمثلا ال tau سوف ينحل الي كوارك و كوارك مضاد و ال tau-neutrino
سوف اذكرك بما قولته سابقا بان الكواركات توجد في تجمعات , و الان عليك ان تعرف ان الليبتونات تعيش منعزله .
و ايضا فاننا لا نهمل كتلة الليبتونات , بل ان الاغرب من ذلك اننا لا يمكننا ان نهمل كتلة النيترينو فهذا النوع من الجسيمات يساهم في تمدد الكون لان اعدادها كبيره كبيره جدا و ان كانت لا تتفاعل الا نادرا

الجسيمات الاولية



هدف هذا الموجز هو الإلمام بالخطوط الرئيسية للمعرفة العلمية مع تأملها، فمهمتى لن تتجاوز النقل الأمين لتلك الخطوط، بهدف نشر الثقافة العلمية، وبهدف أن تصبح القضايا العلمية محلا للإهتمام العام، فمعرفة العالم عبر العلم منهجا وحقائق شرط جوهرى لقدرتنا على التأثير فيه،ولهذا الموجز علاقة وطيدة بكتاب "تقدم علمى..تأخر فكرى" المنشور بموقعى الفرعى فى الحوار المتمدين وموقع التحررية الجماعية، والذى يعتبر مقدمة طويلة نسبيا لهذا الموجز.يغنى عن كتابة مقدمة جديدة.
(1)الجسيمات الأولية اللبنات الأولى التى تشكل الوجود
من أين أتينا نحن؟ وأتت كل هذه الأشياء التى لا يمكن أن نحصر أنواعها وأعدادها؟ مما يمكن أن نراه أو ما لا يمكن أن نراه ؟ ما طبيعة البشر؟ وبمعنى آخر من نكون؟ و ما طبيعة كل هذه الأشياء؟ ومما نتكون وتتكون؟
هناك أشياء حية وأخرى غير حية، وأخرى بين بين!!!هناك أشياء بالغة الكبر ،وأشياء أخرى متناهية الصغر، وقد أثارت كل هذه الأشياء الخيال والتحدى لدى البشر ، وذلك منذ أصبحوا واعين بما حولهم من أشياء، من الحيوانات المفترسة إلى ظواهر الطبيعة الغامضة، ولولا قبول التحدى ما استطاعوا أن يحولوا النار التى كانت تشتعل فى الغابات بفعل الصواعق و التى كانت ترهبهم إلى وسيلتهم للتدفئة و الطهي وإنارة ظلمات الليل وإخافة الوحوش المتربصة بهم.
وقد ظن بعضهم إن كل هذه الأشياء هى خليط من أربع عناصر هى التراب والنار والماء والهواء، وظن آخرون إنها تتكون من ذرات صماء، وغير ذلك من الظنون، إلا أن آخر إجابات العلم على هذا السؤال هى، إن للطبيعة تاريخ طويل، وإن لكل ما فى الطبيعة تاريخ، فالإنسان مكون من بلايين الخلايا، التى هى عبارة عن بلايين الجزيئات الكيمائية، والتى تتكون بدورها من ذرات، تتراوح أعدادها فى الجزيئات المختلفة ما بين أثنين إلى مئات الألوف، والتى تتكون بدورها من جسيمات أولية معقدة تتكون بدورها من جسيمات أبسط وهكذا.
و نحن نستطيع أن نبدأ بالتاريخ للطبيعة من تلك الجسيمات الأولية فائقة الصغر، و التى لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، فهذه الجسيمات هى الأجزاء الأولية التى يبنى منها كل الواقع، والذى يؤثر على حواسنا المختلفة من نظر وسمع وشم وحس وتذوق، و يمكنا رصده بالأجهزة العلمية المختلفة مثل الميكروسكوبات والتليسكوبات، و التى تساعدنا على إدراك ما لا يمكن إدراكه بشكل مباشر مثل النجوم والفيروسات بحواسنا المختلفة.
هذا الواقع يؤثر على حواسنا المختلفة فتتولد فى عقولنا أفكارنا عنه، و التى ربما تكون صحيحة، وربما تكون غير صحيحة، فقد كان البشر يظنون أن الشمس هى التى تدور حول الأرض ..إلا أن الأرض هى التى تدور حول الشمس بصرف النظر عن إدراك البشر لذلك من عدمه، وتصديق بعضهم لذلك أم تكذيبهم، وسواء عرفوا بذلك أم لم يعرفوا فأن هذا لن يؤثر فى حقيقة دوران الأرض حول الشمس.
فإذا كانت الطبيعة هى كل الواقع المستقل عن وعينا به أو أفكارنا حوله .. أو بمعنى آخر المادة باعتبارها مفهوم فلسفى، معناه كل ما ينعكس فى عقولنا فى صورة وعى من خلال تأثيره على حواسنا، أو امتدادها من أجهزة علمية، فهذه الجسيمات الأولية هى أبسط الكائنات المادية المعروفة لدينا حتى هذه اللحظة، وبمعنى آخر أبسط ما أمكنا معرفته من وحدات الطبيعة حتى الآن .
فالطبيعة قائمة على أساس وحدات بناء تتكون من وحدات أبسط، وتكون مع غيرها وحدات أو كائنات أعقد . كأنما الوجود كله ما هو إلا صندوق ضخم لا نهائى بداخله صناديق أصغر، وبدورها تتكون من صناديق أصغر، فسلسلة تطور الوجود تمضى، من أبسط الجسيمات الأولية المكتشفة حتى الآن، وصولا للمجتمع البشرى مرورا بأنوية الذرات و الذرات والجزيئات والأجسام غير الحية والأجسام الحية ذات الخلية الواحدة ثم ذوات الخلايا المتعددة إلى أرقاها الإنسان العاقل، الذى يكون مع غيره من البشر المجتمع البشرى، أرقى وأعقد أبنية الواقع المعروفة لدينا حتى كتابة هذه السطور، والذى أخذ فى التطور بدوره من مرحلة إلى أخرى حتى وصل إلى الرأسمالية بعد أن مر بأشكال أخرى ما قبل الرأسمالية، وهو لابد و أن يجتاز هذه المرحلة لمرحلة أرقى وهكذا.
إلا أن هذه السلسلة التطورية تعرف بجانبها الارتداد من الأشكال الأعقد إلى الأشكال الأبسط، فالجزيئات تنحل إلى ذرات مثلا، ومن الأشكال الأرقى إلى الأشكال الأدنى مثلما تتحول الأشجار ككائنات حية إلى أخشاب تصنع منها الجوامد كالموائد والمقاعد، كما تعرف هذه السلسلة الدوران فى دورات حلزونية، حيث التطور إلى قمة ما، ثم العودة مره أخرى إلى نقطه البداية، كما تحدث للبذور التى تتحول لنباتات تثمر، و يكون من نتيجة ذلك بذور جديدة وهكذا.
فهذه السلسلة ليست خطا مستقيما كخط قطبان السكك الحديدية، يعرف المحطات الثابتة والمسافات المتساوية، والسرعات المعروفة، إنه خط أكثر حيوية حيث يعرف التعرجات الشديدة فى كافة الاتجاهات، والسيولة المستمرة، والقفزات الهائلة، والانعطافات الحادة، والتنوع الشديد فى سرعات التغيير والتطور، ما بين بطيئة جدا و سريعة جداً، فالواقع أكثر تعقداً وثراءاً وتلوناً من هذه الصورة الآلية المبسطة المعروضة فحسب من باب التنويه عن مراحل التطور الأساسية فى إطارها العام المعروف حتى الآن للإنسان، و هو لا ينفى وجود مراحل أخرى سابقة على هذه المراحل، و إمكانية وجود مراحل لاحقه عليها، أو حتى خارج خطها الطبيعى، فهناك أشكال أخرى للوجود لم نعرف طبيعتها بعد، كالمادة المظلمة والتى تشكل جزء من الكون لا يصدر عنها أى ضوء يمكن رصده بوسائلنا المتاحة حاليا، وتبلغ درجة حرارتها حدا بالغا من الصغر، والثقوب السوداء والتى كانت نجوما نشطة فيما سبق من الأيام، ثم تقلصت إلى حد كبير للغاية مما ضاعف من كثافتها لحد هائل، وأكسبها جاذبية عالية للغاية بناء على ذلك ، بحيث لا تسمح لأى شى بالاقتراب منها أن ينفلت من جاذبيتها، والمادة الضد هى مادة تعتبر الصورة المعكوسة للمادة التى نعرفها،فالإلكترون باعتباره جسيما ماديا شحنته الكهربية سالبة فإن له ضدا يماثله فى كل شىء شحنته موجبة يسمى البوزيترون هو جسيما من المادة الضد.
فما نعرفه من الواقع هو جزء ضئيل للغاية، رغم ضخامته الهائلة، وما نعرفه من تاريخه هو جزء بسيط من مراحل وسيطة بالنسبة لتاريخه اللانهائى.
ألا أن الحقيقة هى أن ما نعرفه من واقع مكون من عشرات الأنواع من الجسيمات الأولية، والتى تتحرك فيما بينها متحولة من شكل لآخر، فهى إما متحللة لأنواع أبسط، أو مشتركة مع غيرها فى بناء أنواع أعقد ، وهى دائمة التحرك بسرعات خيالية بالنسبة لسرعتنا البطيئة من مكان لآخر، وهى إما أن تكون مرتبطة بوحدات بناء أعقد كأنوية الذرات، والذرات و الجزيئات، أو متحررة من أي ارتباط بهم، و هى فى كل تحركاتها هذه تتحرك وفق أبسط أشكال الحركة المعروفة بالحركة الطبيعية، و بأشكال خاصة من الحركة تخصها وتميزها.
على المرء أن يقرر إنه لا يمكن لعاقل عرف صدمات المعرفة العلمية المتوالية والمتسارعة خلال القرن العشرين، أن يركبه غرور القرون السابقة، فيدعى إننا توصلنا للمعرفة الكاملة لهذه الجسيمات، أو أن يؤكد أن ما عرفناه منها، لا يمكن أن ينقسم بدوره لجسيمات أخرى، أو أن يستطيع البرهنة على أن ما عرفناه منها، لا يمكن أن يكون كائنات مادية أخرى غير ما نعرفه من كائنات، فنحن لا نستطيع أن ندعى معرفتنا بالكائنات المادية المختلفة جميعها، فى شتى مناطق الكون اللانهائى المرصود وغير المرصود لدينا حتى الآن، وعبر تاريخه اللانهائى منذ الأزل وإلى الأبد، وبما مر عليه من تغيرات وتطورات لانهائية، وبما سوف يمر عليه من تطورات لانهائية فى مستقبلة اللامحدود.
إلا إننا نستطيع أن نؤكد على معرفتنا لأكثر من 100جسيم أولى، ونواتج الانحلال والاندماج فيما بينها، ونواتج التقاء كل منها بالجسيمات الأخرى بل ونؤكد معرفتنا بالعديد من الخواص المعقدة والمركبة لكل هذه الجسيمات الأولية متناهية الصغر، والتى تتحرك بسرعات فائقة الكبر، وتتحول فيما بينها من شكل لآخر بسرعات خيالية وتندمج مع غيرها، وتتحلل إلى غيرها، باستمرارية مذهلة، بل ونؤكد أيضا على معرفتنا بالكثير من خواصها والاحتمالات المختلفة لاتجاهاتها عند تحركها فى حالتها الحرة، وفى داخل الذرة، وغير ذلك من المعلومات.
نظرة على بعض التعريفات والنظريات الأساسية فى الطبيعة
من المهم لكى نعرف الأسس التى يقوم عليها الوجود فى تطوره، أن نتعرف على عدد من تعريفات الطبيعة التى تصف خواص هذا الواقع بكل ما يحويه من أشياء وعمليات ، وهذا ما سنعرضه باختصار فيما يلى.
الكتلة
نلتقى فى حياتنا بأجسام مختلفة من الكائنات الحية والكائنات غير الحية،بعض هذه الأجسام نراها ثابتة وبعضها متحرك، بعضها كبير وبعضها صغير وهكذا، وكل هذه الأجسام لها كتل، فما هى الكتلة ؟ ، أستقر العلم على ثلاث تعريفات كلها صحيحة للكتلة كمفهوم طبيعى تتصف به الأجسام والجسيمات هى :ـ
أولا كمية المادة فى جسم أو جسيم ما، وهو ما يعطى الجسم حجمه وكثافته.
ثانيا مقدار مقاومة الجسم للسرعة، فنحن عندما نحاول زيادة أو انقاص سرعة الجسم أو الجسيم نلاحظ أنه يقاوم ذلك التأثير بما يتناسب مع كتلته، فلو لدينا حجر وكرة مطاطية متساويان فى الحجم يتحركان بنفس السرعة فإن زيادة سرعة الحجر أو انقاص سرعته تحتاج لقوة أكبر من مما تحتاجه زيادة سرعة الكرة المطاطية أو انقاص سرعتها حيث الحجر يحوى كتلة أكبر من كتلة الكرة المطاطية،لأن مقاومة الكرة المطاطية لزيادة السرعة أو انقاصها أقل من مقاومة الحجر.
ثالثا مقدار مقاومة الجسم للقصور الذاتى، فنحن عندما نحاول تحريك أو إيقاف جسم أو جسبم عن الحركة ، نلاحظ أنه يقاوم ذلك التأثير بما يتناسب مع كتلته، ولأن كتلة الورقة أصغر من كتلة القلم الموجود على المكتب فإنك حين تنفخ فى الأثنين بنفس القوة فستجد أن الورقة تحركت أسرع من القلم و لمسافة أكبر من القلم ذلك لأن كتلة القلم قاومت النفخ بأكثر مما قاومت كتلة الورقة.
كمية الكتلة الموجودة في الوجود ثابتة على الدوام، فالكتلة لا تفنى ولا تستحدث و لاتخلق من عدم، وإنما تتحول من شكل إلى آخر.
الطاقة
هى القدرة على إحداث الفعل، و يحدث تبادل الفعل عند تبادلها بين الجسيمات والأجسام، وهى تتناسب طرديا مع كتلة الجسيم أو الجسم، و يحملها نوع من الجسيمات الأولية ذات خواص معينه، وهو ما سوف يتم شرحه تفصيلا فيما بعد. فالطاقة هي المقدرة على القيام بعمل ما. وهناك صور عديدة للطاقة، يتمثل أهمها في الحرارة والضوء. الصوت أيضا عبارة عن طاقة. و هناك" الطاقة الميكانيكية" التي تولدها الآلات، و"الطاقة الكيميائية" التي تتحرر عند حدوث تغيرات كيميائية. و يمكن تحويل الطاقة من صورة إلى أخرى. فعلى سبيل المثال، يمكن تحويل الطاقة الكيميائية المختزنة في بطارية الجيب إلى ضوء .
كمية الطاقة الموجودة في الوجود ثابتة على الدوام، فالطاقة لا تفنى ولا تستحدث و لاتخلق من عدم ، وإنما تتحول من شكل إلى آخر. وعندما يبدو أن الطاقة قد استنفذت، فإنها في حقيقة الأمر تكون قد تحولت إلى صورة أخرى، لهذا نجد أن الطاقة هي قدرة الكتلة للقيام بالشغل( الحركة) كنتيجة لحركتها أو وضعها بالنسبة للقوي التي تعمل عليها . فالطاقة التي يصاحبها حركة يطلق عليها طاقة حركية. والطاقة التي لها صلة بالوضع يطلق عليها طاقة كامنة (جهدية أو مخزنة ). فالسيارة التى تسير أعلى الجبل تتساوى فى طاقتها الحركية مع نفس السيارة عندما تسير بنفس السرعة أسفل الجبل، و لكن طاقة وضع السيارة أعلى الجبل أعلى منها أسفل الجبل فى حالى تساويهما فى نفس الحالة من السكون أو التحرك بنفس السرعة. والطاقة توجد في عدة أشكال كالطاقة الميكانيكية والطاقة الحرارية والطاقة الديناميكية الحرارية والطاقة الكيميائية والطاقة الكهربائية والطاقة الإشعاعية والطاقة الذرية . . والطعام الذي نتناوله ، به طاقة كيميائية يخزنها الجسم ويطلقها عندما نعمل أو نبذل مجهودا. وكل أشكال هذه الطاقات قابلة للتحويل الداخلي من شكل لشكل بواسطة طرق مناسبة
العلاقة بين السرعة والكتلة
الكتلة وفق التعريفين الثانى والثالث لها ليست خاصية مطلقة للأجسام والجسيمات حيث تتوقف كتلة سكون الجسم على سرعته فكلما زادت سرعة الجسم زادت كتلته ، وكلما قلت سرعة الجسم قلت كتلته.
العلاقة بين الكتلة والطاقة
كلما ازدادت كتلة الجسم أو الجسيم ازدادت الطاقة المصاحبة له، وكلما قلت كتلته قلت الطاقة المصاحبة له. فالعلاقة بين الكتلة والسرعة من جانب ، و السرعة و الطاقة من جانب آخر علاقة طردية، وهناك علاقة وطيدة بين السرعة والطاقة والكتلة عبرت عنها معادلة إينشتين الشهيرة "الطاقة تساوى الكتلة فى مربع سرعة الضوء ". ومن هذه المعادلة يمكن أن القول أن الكتلة تساوى الطاقة على مربع سرعة الضوء، وأن مربع سرعة الضوء يساوى الطاقة على الكتلة. فقانون تبادل الكتلة والطاقة، و أمكانية تحول أى منهما للأخرى، الذي تُعبّر عنه المعادلة الأكثر شهرة في التاريخ ، التي تعني ان الطاقة التي يمثلها جسم متحرك تساوي كتلته مضروبة بمربع سرعة الضوء فى الفراغ. يعني ان الطاقة التي تكتسبها الأجسام في الحركة، تنضاف الى كتلتها، التي تزيد كلما تزايدت سرعتها، وبالتالي تحتاج الى طاقة أكبر لتزيد من حركتها وهكذا دواليك. وتصبح الطاقة المطلوبة لاستمرارها في الحركة السريعة، هائلة كلما اقتربت من سرعة الضوء. والحال انها لا تبلغ سرعة الضوء ابداً، لأن كتلتها تصبح لامتناهية. وبالخلاصة، فإن كل الأجسام والجسيمات ذات الكتل محكومة بأن تسير بسرعة اقل من سرعة الضوء.
سرعة الضوء في الفراغ
هو ثابت طبيعى مهم وقيمته بدقة هى 299792458 متر فى الثانية أو 1079252848 كيلومتر فى الساعة، لاحظ أن هذه السرعة هي تعريف وليس قياس منذ أن تم توحيد الوحدات العالمية, تم تعريف المتر على أنه المسافة التي يقطعها الضوء في الفراغ خلال 1/299,792,458 من الثانية. سرعة الضوء تتغير بحسب الوسط الذي يتحرك الضوء فيه. عند عبور الضوء خلال مواد شفافة مثل الزجاج أو الهواء تقل سرعته. كذلك تتغير سرعة الضوء بتأثير الجاذبية . 
الكم
هو الوحدة التى لا تنقسم للطاقة أو المجال أو القوى والتى يمكن أن يمتصها جسيم المادة أو يقذفها فى شكل موجه.
الحد الفاصل بين جسيمات الكتلة، وكمات الطاقة
الجسيمات الأولية تنقسم لنوعين جسيمات كتلة و كمات طاقة على أن جسيمات الكتلة لا يمكن أن تبلغ سرعتها سرعة الضوء فى الفراغ، و إلا تغيرت طبيعتها من جسيمات كتلة لتصبح كمات طاقة، والتى بدورها لا يمكن أن توجد فى حاله سكون، و إلا تحولت طبيعتها، لتصبح جسيمات للكتلة، ولذلك فأن كتلة سكون الجسيمات الأولية من نوع كمات الطاقة تصبح صفر، بمعنى ضرورة تلاشيها فى حالة السكون، و تحولها لجسيم كتلة.
إن كل جسيم من جسيمات الكتلة يحيط به ، ويتخلله مجال هو قطاع الفضاء الذى يظهر فيه قدرته على تبادل الفعل بينه و بين الجسيمات و الأجسام الأخرى ، وهذا المجال مكون من كمات الطاقة و بمسمى آخر المجال و بمسمى ثالث جسيمات حمل القوى.
قوى الطبيعية:_
هناك أربع مجالات أو قوى فى الطبيعة التى تسبب كل أشكال الحركة فى الوجود و تحملها أربع أنواع من كمات الطاقة هى:
(ا ) النووية القوية وتحملها الجلونات ومفردها جلون وتعمل لربط النيوترونات والبروتونات داخل نواة الذرة لتكون أنوية الذرات المختلفة
(ب ) النووية الضعيفة و تحملها البوزونات، ومفردها بوزون وتعمل داخل نواة الذرة مسببة ظاهرة النشاط الإشعاعى لأنوية الذرات المشعة.
(ج ) الكهرومغناطيسية وتحملها الفوتونات، ومفردها فوتون و نحن نشاهد سيول منها عندما نرى الضوء و نحس بها عندما نحس بالحرارة، وهى تعمل داخل الذرات للربط بين الإلكترونات والبروتونات لتكوين الذرات و بين الذرات لتكوين الجزيئات و تعمل أيضا بين الأجسام المشحونة كهربيا.
(د ) الجاذبية وتحملها الجرافيتونات ومفردها جرافيتون وتعمل بين الأجسام مسببة تجاذبها .فالأجسام تسقط على الأرض بفعل تبادل الجرافيتونات بينها و بين الأرض، كما ترتبط الأرض بالشمس بتبادل الجرافيتونات فيما بينهما.
الموجه
هى انتشار اضطراب وانتقاله دون انتقال الجسم المضطرب ، وهى وسيلة نقل الطاقة ، وشكل حركه كمات الطاقة .
الإشعاع
هو موجات كهرومغناطيسية ، تنتقل بواسطتها كمات الطاقة الكهرومغناطيسية.
الشحنة الكهربية
هى خاصية للجسم المشحون كهربيا يمكن بواسطتها أن يتنافر أو يتجاذب مع الجسيمات الأخرى المشحونة كهربيا بتبادل الفوتونات.
ازدواجية (الموجه /الجسيم)
هو مفهوم بأنه ليس ثمة تمييز بين المظاهر الموجية و الجسيمية للجسيم الأولى ، فالجسيمات الأولية قد تسلك أحيانا مثل الموجات ، والموجات أحيانا قد تسلك مثل الجسيمات.
قوانين الحركة الميكانيكية للأجسام
القانون الأول لنيوتن 
ان الجسم يبقى على حالته من السكون أو الحركة بسرعة منتظمة ما لم تؤثر عليه قوة خارجية تؤثر على حالته فتغير من سرعته أو اتجاهه. 
القانون الثانى لنيوتن 
القوة المحصلة المؤثرة على جسم ما تساوى المعدل الزمنى للتغير فى كمية تحرك الجسم واتجاه هذه القوة هو اتجاه كمية التحرك 
القانون الثالث لنيوتن 
لكل فعل رد فعل مساو له فى المقدار ومضاد له فى الاتجاه
قانون الجذب العام
أن أى جسمين يجذب كل منهما الآخر بقوة جذب، تتناسب هذه القوة طرديا مع حاصل ضرب كتلة الجسمين، وعكسيا مع مربع المسافة بينهما.
النسبية العامة
إن الزمن يمثل أحد الأبعاد الأساسية في الكون، مثل الطول والعرض والعمق. فلتحديد أبعاد أى كائن مادى فعلينا ونحن نحدد طوله وعرضه وعمقه أن نضيف الزمن لهذه الأبعاد،. ويسمى هذا الامر "مُركّب الزمان – المكان"، الذي يشار اليه اختصاراً بمصطلح "الزمكان".
فالجاذبية لها القدرة على التأثير في مركب الزمكان، حيث انها "تشده" باتجاهها. ولأن الضوء الكوني يسير في خط مستقيم في الكون، فإن الجاذبية تشده وتلويه. فالضوء وسرعته هما أساس احتساب الزمان في الكون، وان الوقت يسير بسرعة تساوي سرعة الضوء. ولذا، فان الجاذبية تشد الضوء، مما يعني انها تمارس تأثيراً على الوقت، فتبطئه او تغير من سريانه. ولهذا اشتهرت مقولة "ان الوقت نسبي" باعتبارها من اساسيات النسبية العامة.
وفي العام 1919، أجريت محاولة اولى لقياس قدرة الجاذبية على لوي خطوط الضوء، وبواسطة احتساب فارق مواقع لنجوم بين الليل والنهار اثناء الكسوف الشمسي. وجاءت تلك التجربة لتثبت ان موقع النجوم، بالنسبة لأي من يراقبها في الأرض، تتأثر بالشمس. اذ تملك الشمس جاذبية كبيرة، لذا فإنها تشد اليها الضوء الصادر من النجوم، اثناء سيره الى الأرض. أما في الليل، فان من يراقب النجوم من الارض يكون غير متعرض لاثر جاذبية الشمس، او بالأحرى يكون الأثر في الاتجاه الآخر. لذا، يظهر فارق حسابي في تحديد مواقع النجوم من الأرض بين الليل والنهار. وبالطبع، لا يمكن رؤية النجوم نهاراً، بأثر من ضياء الشمس. ولذا، استغل العلماء حدوث كسوف شمسي كامل في العام 1919، لمراقبة النجوم نهاراً. اعتبرت تلك النظرية من اقوى الاثباتات على نظرية النسبية العامة. وفيما بعد، تبين ان الادوات التي استخدمها العلماء آنذاك لا تتمتع بالدقة الكافية، خصوصاً عند مقارنتها بالأدوات الحديثة. ومع ذلك، فإن الحسابات الأكثر دقة عن اثر الجاذبية على الضوء ايدت نظرية اينشتاين.
وفي العام1962، اجريت تجربة لقياس اثر الجاذبية الأرضية على الوقت. فإذا كانت حسابات اينشتاين صحيحة، فان جاذبية الارض تمارس تأثيراً اقوى على الضوء القريب منها، وبالتالي فإنها تبطئه وتخفض ايقاع الزمن. وضعت ساعتان فائقتا الدقة في اسفل واعلى برج عال. وتبين ان الساعة في الأسفل اعطت مقياساً للوقت ابطأ من الساعة في الأعلى. وأكدت التجربة صحة نظرية النسبية العامة عند اينشتاين.
نظرية النسبية الخاصة
تشرح نظرية النسبية الخاصة حركة الأجسام في السرعات العالية والقريبة من سرعة الضوء, وليس لها علاقة هامة بحركة الأجسام البطيئة نسبيا التى تحكمها قوانين الحركة الثلاثة وقانون الجذب العام لنيوتن السابق الإشارة لهم ،والتى نلاحظها فى حياتنا العادية و ترتكز النسبية الخاصة الى مقولتين في العلاقة بين المسافة والزمان، اضافة الى تشديدها على ان سرعة الضوء تبقى ثابتة، بغض النظر عن موقع الشخص الذي يراقبها في الكون.
نسبية المسافة
رأى اينشتاين ان "الاشياء التي تتحرك في سرعة فائقة تبدو وكأنها تتقلص باتجاه سهم السرعة، بالنسبة الى المراقب الثابت". لنفترض ان شخصاً يقف في محطة قطار هائلة الابعاد. يدخل قطار طويل جداً المحطة بسرعة ثلث سرعة الضوء. بالنسبة الى ذلك الشخص، سيرى القطار وكأنه "صغر" بمقدار الثلث. فمثلاً، اذا حمل راكب في القطار بطارية يد واطلق شعاع ضوء باتجاه مقدمة القطار. يسير الضوء في سرعة ثابتة، بالنسبة للراكب، مما يمكنه من قياس طول القطار، باحتساب الوقت اللازم لضوء البطارية للوصول الى مقدم القطار. والسبب في ذلك، ان الراكب يتحرك بسرعة تساوي سرعة القطار. واما بالنسبة الى المراقب الواقف في المحطة، فكلما تزايدت سرعة القطار، كلما قل الوقت اللازم لضوء البطارية للوصول الى مقدم القطار، اي ان طول القطار سيصبح اقل (القطار يتقلص). وعند تساوي سرعة الضوء مع سرعة القطار، فإن طول القطار يصبح صفراً، اي ان القطار يتلاشى!
نسبية الزمان
رأى اينشتاين ان "الزمان يزداد قصراً مع السرعة، اي ان ايقاعه يصبح اسرع. ويتباطأ الزمان كلما قلت السرعة". ولعل هذه المقولة اكثر المقولات اثارة للجدل في نظرية النسبية، واكثرها اهمية ايضاً.
وفي العودة الى القطار الاسطوري الوارد آنفاً. لنفرض ان الراكب يوجه الضوء من بطارية الى مرآة في أرض القطار، ليرتد منها الى لوح زجاجي على مسافة معينة من الراكب. لا تؤثر الزيادة في سرعة القطار على الوقت اللازم ليصل الضوء الى المرأة وينعكس على اللوح. ويختلف الأمر بالنسبة لمن يراقب تلك الأشياء نفسها من الخارج، سواء كان واقفاً او متحركاً بسرعة بطيئة بالنسبة الى سرعة القطار. وبالنسبة الى المراقب الواقف او البطيء، فإن الوقت اللازم للضوء ليعبر الى المرأة ثم الى اللوح، سيبدو أطول باستمرار، بمعنى ان وتيرة الوقت تصبح اكثر بطأ بالنسبة الى من يسير بسرعة بطيئة.
هل الوقت نسبي، كما نظّر اينشتاين؟ هل الوقت يختلف عند التحرك بسرعات كبيرة، كتلك التي تقارب الضوء؟ لم يقبل علماء ميكانيكا الكم ان هذا الأمر يمثل قاعدة ثابتة. ورأوا ان ثمة أحوالاً لا يتأثر الزمن فيها لا بالمسافات ولا بالسرعات. ومن الممكن تحريك الاشياء البعيدة من بعضها بعضاً بسنوات ضوئية، من دون ان تخضع لنسبية الوقت، اي انها تتحرك في الوقت نفسه، وبغض النظر عن السرعة! لم يقبل اينشتاين هذا المفهوم تحديداً، الذي يسمى احياناً بمفهوم التشابك ، ولذا وقعت القطيعة بين نظرياته وبين ميكانيكا الكم،وهذه أحد مشاكل الفيزياء المعاصرة.
والجدير بالذكر أن أينشتين رفض دوما أيضا أحد معالم ميكانيكا الكم وهو مبدأ عدم اليقين الذى ينص على أنه من المستحيل تحديد كل من مكان الجسم وكمية حركته بدقة في نفس الوقت، فإذا قلّ الارتياب (اللايقينية) في تحديد المكان، ازداد في تحديد كمية الحركة وبالعكس، وينطبق نفس الشيء بالنسبة لطاقة الجسيم والزمن الذي احتفظ فيه بهذه الطاقة ويؤدي ذلك إلى أنه إذا تحدَّد وضع الجسيم بدقة كبيرة، فإن طاقته لا تتحدد بدقة، والعكس..
ترابط كل ظواهر المادة
هكذا نرى أن كل ظواهر المادة ، ترتبط تبادليا ، وتؤثر كلا منها فى الأخرى ، وما هى إلا مظاهر مختلفة لجوهر واحد هو المادة، و لعملية واحدة تشكل الواقع نفسه، والتى تتجلى لنا من خلال مظاهرها ، وبالتالى يمكننا التوصل لمعرفتها ، إن ما يبرهن على مادية كل ما يحيط بنا من مظاهر حتى ولو كانت مدهشة بحيث نعجز عن فهمها هو الأساس المادى لقوى الطبيعة ، والتى تسبب وجود وحركة كل ما فيها.
فالضوء المرئى مثلاً ما هو إلا سيل من جسيمات (حمل القوى أو الطاقة أو المجال) الكهرومغناطيسية المسماة بالفوتونات والتى يمكن عند مستوى معين من الطاقة ، أن تتحرك فى شكل موجه ذات طول وتردد معينين ، تستطيع أعيننا البشرية رؤيته مباشرة ، ..كما أن موجات الراديو التى تنتسب لنفس عائلة كمات الطاقة الكهرومغناطيسية لا تستطيع آذاننا سماعها إلا أننا بجهاز الاستقبال نحولها لموجات صوتية مسموعة ، وهذا هو ما يفسر الطبيعة المزدوجة (جسيم/موجه) للضوء ، وكل ما فى الطبيعة من أجسام وجسيمات.
فأنت عندما تتحرك تتولد عن حركتك موجة ضعيفة جدا تتناسب مع كمات الطاقة التى بذلتها أو امتصصتها أثناء حركتك ،إلا أننا لا يمكن رصد هذه الموجة عبر حواسنا المباشرة ،كما لا يوجد جهاز حتى الآن يستطيع رصد هذه الموجة نظرا لضعفها الشديد.
فى لعبة تنس الطاولة يمسك كل لاعب مضربا ليتبادلا سويا قذف الكرات الصغيرة ،لتستمر المباراة التى تنقطع مؤقتا كلما فشل أحد اللاعبين فى التقاط الكرة على مضربه، فكل لاعب يضع نفسه فى الموضع المناسب حول مائدة اللعب لالتقاط الكرة وقذفها للجهة الأخرى ، كأنما تتحكم الكرة بحركتها فى موضعه بالنسبة للاعب الآخر. ويمكن أن نفهم ما نتحدث عنه من خلال تلك اللعبة فلو كنا أنا وأنت جسمين من جسيمات الكتلة مثل الإلكترونات والبروتونات والنيوترونات مثلا فأننا بتبادلنا للكرات التى من الممكن اعتبارها كمات للطاقة مثل الفوتونات و الجلونات فأننا نكون شيء واحد مكون من شيئين طالما احتفظنا بتبادلنا للكرة ، وهو الأمر الذى لا يحدث إلا بحرصنا على أن تظل الكرة فى حركة مستمرة بين مضربينا، إلا أنه عندما تقع بعيداً عنا ينفصل كل منا عن الآخر لنعود شيئين منفصلين وما نتحدث عنه يرسم لنا لوحة الكون الرائعة تماما.
الأشياء أو الكتل المختلفة تتكون من أشياء أو كتل أخرى تحتفظ بوجودها واستمرار هذا الوجود بتبادل مكوناتها الداخلية لكمات الطاقة ، كما تتبادل هى بدورها كمات الطاقة مع أشياء أو كتل أخرى مكونه شيء آخر وهكذا
فقد أتى حين من الدهر لم يكن بالكون سوى أبسط جسيمات المادة و كمات الطاقة التى تكون الإشعاعات المختلفة وتسبب بحركتها الموجات المختلفة ، وهى التى تحمل قوى الفعل بين الجسيمات المادية ، وتشكل مجالات تأثيرها المختلفة.
العلاقة بين جسيمات المادة و كمات الطاقة ، ترسم لنا لوحه الكون الرائعة اللانهائية ، فى سكونها وحركتها وتغيرها فكيف يحدث هذا؟
قد عرفنا إن أى جسيم أو جسم يتحرك، يحدث اضطرابا فى الوسط المحيط به، يعرف باسم الموجة، والتى هى وسيله لنقل كمات الطاقة، سواء أكان هذا الجسم ضخما مثل الأرض، أو جسيم أولى مثل الإلكترون، إلا أن هذه الموجات تختلف طولاً وتردداً، متناسبة فى ذلك مع ما تحمله من طاقة، إلا إننا نستطيع تقسيمها إلى ثلاث أنواع هى:-
أ- موجات طويلة و ضعيفة التردد، هى موجات الجاذبية، وهى تنقل كمات طاقه الجاذبية المسماة، بالجرافيتونات ومفردها جرافيتون، ولأنها طويلة فهى لا تعمل سوى على المسافات الكبيرة فيما بين الأجسام المختلفة، وتسبب تبادل الفعل فيما بينها وبمعنى آخر حركتها، سواء أكانت أجسام فلكية أو غير فلكية، فتتجاذب هذه الأجسام حسب كتلتها، ما تحمله من مقادير الطاقة التى تتناسب طرديا مع هذه الكتل، وبسبب طولها هذا يمتد الكون لتلك المسافات الهائلة اللانهائية، إلا إنها من الضعف بحيث يصعب رصدها، والجسيمات التى تحملها ليس لها كتل خاصة بها، وهذا يعطيها القدرة على حمل تلك القوى، لتلك المسافات الهائلة بين الأجسام الكونية المختلفة.
ب- موجات متوسطه الطول والتردد، وتتحرك بسرعة الضوء، وهى الموجات الكهرومغناطيسية، والتى تنقل كمات الطاقة الكهرومغناطيسية (الفوتونات) ومفردها فوتون، وهى تعمل على مسافات متوسطة، وتأثيرها محدود بين الأجسام المختلفة إذ يلاشى معظمها بعضه بعضا ،إلا أن مجال سيادتها المطلقة هى الذرات والجزيئات ، وطولها هو الذى يحدد حجم الذرات و الجزيئات وهذه الموجات تتعامل مع الأجسام والجسيمات المشحونة كهربيا ، وتسبب تنافرها وتجاذبها حسب إشارة شحناتها ولأنها موجات يسهل رصدها بل وهى أسبق الموجات التى أمكن رصدها تاريخيا ، فقد أستطاع العلم تقسيمها حسب خواصها من حيث الطول والتردد ، وما تحمله من طاقه تنازليا إلى أنواع شتى هى أشعه جاما ، والأشعة السينية ، والأشعة فوق البنفسجية و الضوء المرئى ، و الأشعة تحت الحمراء ، وموجات الراديو .. ونظرا لقوه هذه الموجات فأنها تسبب الطابع الموجى للجسيمات الأولية.
ج- موجات قصيرة للغاية، وشديدة التردد وهى تنقل كمات الطاقة النووية الضعيفة (البوزونات) ومفردها بوزون، والتى تسبب ظاهرة النشاط الإشعاعى لأنوية الذرات المشعة، و كمات الطاقة النووية القوية (الجلونات) ومفردها جلون، والتى تربط الكواركات ومفردها كوارك مكونه البروتونات والنيوترونات، والتى تربطهم بدورهم مكونه أنوية الذرات، ولأنها قصيرة جداً فأنها لا تعمل إلا داخل أنوية الذرات مسببة حجمها المتناهى فى الصغر. والتى تتبادل الفوتونات مع الإلكترونات مكونة الذرات.
فإن أى جسم يتحرك يفقد أو يكتسب كمات من الطاقة نتيجة حركته تلك، تنتقل من خلال موجة بما فيها الأجسام الحية مثلنا والجامدة مثل الأرض.
إلا أن رصد موجات الجاذبية يصبح صعب للغاية، نظراً لضعفها الشديد و طولها، وبالتالى يصبح الطابع الموجى للأجسام مهمل للغاية، و إن كان موجوداً، أما فى عالم الجسيمات الأولية، فالطابع الموجى لها يصبح فى غاية الأهمية عند رصدها، حيث تبلغ القوى فيما بينها حداً ضخما يزداد باطراد كلما توغلنا داخل الجسيمات الأبسط المكونة للجسيمات الأعقد التى تربط بينها طاقات أكبر، تنقلها موجات أشد تردداً وأقصر طولاً حتى تستطيع نقل هذه الطاقات الكبيرة بين هذه الجسيمات، وذلك بالمقارنة بضعف موجات الجاذبية والقوى التى تنقلها، فالطبيعة الموجية للجسيم لا تنفى ماديته، كما لا تنفى مادية الجسيم الذى يتكون منه ذو الطابع الموجى المهمل، فأجهزة رصدنا العلمية قد ترصد الموجات التى تنشأ عن حركة الجسيم لا الجسيم نفسه.. فالموجة ليست شيئا يمكن أن يحدث أو يوجد منفصلاً عن حركة جسم ما، فما هى إلا شكل لحركة كمات الطاقة المنبعثة أو الممتصة بواسطة الجسم.. فكل الأجسام مهما بلغ حجمها من الكبر أو الصغر دائمة التبادل للطاقة أو القوى فيما بينها حيث تنبعث منها كمات الطاقة أو تمتص ما تبعثه الأجسام الأخرى فتسبب حركة كل الأجسام، والتى تؤثر فى الأجسام التى تقع فى مجال تأثرها المكون من هذه الكمات.
فتعدد الظواهر وترابطها المتبادل وتأثيرها المتبادل هو سمة من سمات المادة كما تتعدد جوانبها وتترابط فى وحده لا تنفصم يؤثر كلا منها فى الآخر.. و ربما تختفى بعض الظواهر أحيانا حين نحاول رصدها أو تبرز ظواهر أخرى إلا إنها كلها الظاهرة والخفية ظواهر موجودة ومتلازمة فى كل الكائنات المادية.. ويلاحظ تأثير تعددية و ازدواجية الظواهر والجوانب هذه مباشرة فى الجسيمات الأولية، وتؤثر فى نوعيه معلوماتنا عنها، إلا أنها مرتبطة فى نفس الوقت بالطبيعة المادية الواحدة لهذه الجسيمات، فما هى إلا ظواهر الجوهر المادى الواحد مادمنا قادرين على الإحساس بها، والتحكم فيها، والتعامل معها، وفهم طبيعتها، والقياس التقريبى لأبعادها، ومعرفه قوانينها وخصائصها من خلال وسائل مادية عملية حتى ولو كنا نرصد هذه الجسيمات من خلال أحد ظواهرها دون ظاهرة أخرى.. كأن نرصد طابعها الموجى دون الكتلى أو العكس كأن نرصد طابعها الكتلى ونهمل طابعها الموجى الذى تحدثه حركة هذه الكتلة وبالطبع فأن الطبيعة الخاصة لأبعاد هذه الجسيمات، تجعلها سريعة التحول من شكل لأخر، والحركة
من مكان لأخر وهو ما يحدث ببطء نسبى فى الأجسام التى يمكن رؤيتها بالعين المجردة. 

الفيزياء
الفيزياء لفظ اشتق من اليونانية فيزيكوس ( φυσικη ) بمعنى طبيعي، والكلمة مشتقة من الجذر فيزيس ( φύσις ) بمعنى طبيعة.  

وبصفة عامة فإن العلوم الفيزيائية تهتم بدراسة سلوك وتفاعلات المادة في الإطار المكاني والزمني، وهو ما يعرف باسم الظواهر الفيزيائية، ويتم التعبير عن النظريات الفيزيائية بمعادلات رياضية، ويطلق على النظريات الفيزيائية اسم قوانين الفيزياء إذا ما أثبتتها التجربة، ولكن برغم هذه التسمية فإنه يمكن الطعن في بعض هذه القوانين.

وعلم الفيزياء في الأساس علم تجريبي يعتمد على الملاحظة والقياسات الدقيقة لاستنباط القوانين، والوصول إلى النظريات التي تساعدنا على فهم الظواهر الطبيعية، ومن ثم تسخيرها لما فيه فائدة للإنسان؛ لذا فإن علم الفيزياء يعيننا على فهم الكثير مما في عالمنا ومما يحيط بنا، هذا بالإضافة إلى أن علم الفيزياء يُعَدُّ أساساً لجميع العلوم التطبيقية والتقنية، ومن هنا تأتي أهمية هذا العلم وضرورة فهمه واستيعابه وتدريسه في كافة التخصصات العلمية أو الهندسية أو الطبية .

فعلم الفيزياء هو القاعدة الأساسية لمختلف العلوم فهو يقدم التفاصيل العميقة لفهم كل شيء بدءاً بالجسيمات الأولية إلى النواة والذرة والجزيئات والخلايا الحية والمواد الصلبة والسائلة والغازات والبلازما (الحالة الرابعة للمادة) والدماغ البشري والأنظمة المعقدة والكمبيوترات السريعة والغلاف الجوي والكواكب والنجوم والمجرات والكون نفسه. أي أن الفيزيائيين يختصون بمعرفة اصغر عنصر لهذا الكون وهو الجسيمات الأولية إلى الكون الفسيح مرورا بالتفاصيل التي ذكرناها .

فمثلاً يصمم المهندسون السيارات والطائرات بناءً على مبادئ معينة في الفيزياء، ومكنت قوانين ونظريات الفيزياء المهندسين والعلماء من وضع المركبات الفضائية في مساراته، ومن استقبال معلومات ترسلها أقمار الفضاء التي تجوب مناطق بعيدة من المجموعة الشمسية، وأدت بحوث الفيزياء إلى استخدام المواد المشعة في دراسة وتشخيص وعلاج أمراض معينة، بالإضافة أن مبادئ الفيزياء وراء تصميم كثير من الأجهزة المنزلية من المكانس الكهربائية إلى مسجلات الفيديو .
أقسام الفيزياء:
تنقسم علوم الفيزياء إلى مجموعتين كبيرتين هما:
الفيزياء التقليدية: وتعتني بالأسئلة حول الحركة والطاقة، وأقسامها خمسة هي:

الميكانيكا، والحرارة، والصوت، والكهرباء والمغناطيسية، والضوء.
الفيزياء الحديثة: وتعتني بدراسة التركيب الأساسي للعالم المادي، وأقسامها الأساسية هي:

1- الفيزياء الذرية والجزيئية والإلكترونيات. 2- الفيزياء النووية. 3- فيزياء الجسيمات. 4- فيزياء الطاقة الصلبة. 5- فيزياء الموائع والبلازما (4).


الحضارات القديمة وبداية الفيزياء في الإسلام وصلت الفيزياء إلى المسلمين عبر اليونانيين، وقد اتكأ المسلمون عند ممارستهم لهذا العلم على ما كان لدى اليونانيين وما كان لغيرهم من الشعوب القديمة، فقد نقلوا عن اليونان آراءهم في انكسار الضوء، والمرايا المحرقة، والجاذبية، والثقل النوعي، والقوانين المائية، ولكنهم لم يقتصروا على مجرد النقل، بل توسعوا وأضافوا إضافات جديدة من ابتكاراتهم.

وإنه وعلى الرغم من اهتمام المسلمين بالفيزياء، إلا أن ذلك الاهتمام لم يرقَ إلى ما نالته الكيمياء من عناية، فقد بدا علم الكيمياء - على سبيل المثال - لديهم مستقلاً واضحًا منذ مطلع نهضتهم العلمية، أما الفيزياء فقد كانت تمثل جانبًا من الرياضيات حينًا أو فرعًا من فروع علم ما وراء الطبيعة حينًا آخر؛ لذا نجد أن كثيرًا من المعلومات التي أدلوا بها حول علم الميكانيكا مبثوثة في كتب الفلسفة، وليس في كتب العلوم كما قد يتبادر إلى الذهن، لأنهم اعتبروا أن فكرة الزمان والمكان والحركة كلها أفكار تنتمي إلى الفلسفة، ولهم في مختلف فروع هذا العلم ملاحظات كثيرة صائبة وملاحظات أخرى غير صائبة مبثوثة في تصانيف كثيرة متنوعة.

ولا ينبغي أن يتبادر للذهن أنهم كانوا متأخرين في هذا العلم لأنهم لم يعتنوا به عنايتهم بالكيمياء، فهم في هذا العلم قد بَزُّوا الأمم المعاصرة لهم في كثير من فروعه مثل: البصريات، والميكانيكا، كما خرجوا بآراء طيبة في الجاذبية والمغناطيس، والصوت الذي طبقوا مبادئه على علم الموسيقى، والثقل النوعي وغير ذلك، وقام علماء أفذاذ بطرح نظريات جديدة وبحوث مبتكرة، وكان من بين هؤلاء العلماء أبناء موسى بن شاكر وابن الهيثم والبيروني وابن سينا والخازن وغيرهم.

وكانت البداية أن أخذ العرب المسلمون مباديء علم الفيزياء من اليونان، فقد ترجموا كتاب (الفيزيكس) لأرسطو، وكتاب (الحيل الروحانية و رفع الأثقال) لأيرن، وكتاب (الآلات المصوتة على بعد 60 ميلًا) لمورطس، كما اهتموا بمؤلفات أرشميدس وهيرون، وطوَّروا نظرياتهما وأفكارهما في علم الميكانيكا.

وبينما كان اليونانيون يعتمدون كليًا على الأفكار الفلسفية المجردة والاستنباط العقلي، نجد أن العلماء العرب والمسلمين اعتمدوا على التجربة والاستقراء، وتبنوا الطريقة العلمية في البحث والاستقصاء، وطوروا ما ورثوه عن اليونانيين معتمدين على التجربة العلمية التطبيقية، وقد أكسبت هذه الطريقة أعمالهم العلمية الوضوح، ثم الانطلاق والإبداع الذي عرفت به منجزاتهم في مجال الطبيعة والكيمياء والطب والصيدلة وخلافها .

القرآن الكريم وقوانين الفيزياء:

كالعادة فإن القرآن الكريم كان مصدرا مهمًّا عند علماء المسلمين في استلهام روح الفيزياء وقوانينها، تلك التي كانت مبثوثة بين طياته، وما زال إلى الآن البحث جاريا فيها، وكان مما جاء في القرآن الكريم فيما يتعلق بمعجزات الفيزياء ما يلي:

- إخباره عزَّ وجلَّ أن الكون كان منضماً متماسكاً ثم بدأ يتمدد في الفضاء، قال تعالى: [أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا] {الأنبياء: 30}، فالكون بناءً على تفسير هذه الآيات كان منضما، و متماسكاً ثم بدأ يتمدد في الفضاء، وهذه هي النظرية العلمية الحديثة عن الكون، فقد توصل العلماء خلال أبحاثهم ومشاهداتهم لمظهر الكون إلى أن (المادة) كانت جامدة وساكنة في أول الأمر، وكانت في صورة غاز ساخن كثيف متماسك، وقد حدث انفجار شديد في هذه المادة قبل5000000000000 سنة على الأقل؛ فبدأت المادة تتمدد وتتباعد أطرافها، ونتيجة لهذا أصبح تحرك المادة أمراً حتمياً لابُدَّ من استمراره طبقاً لقوانين الطبيعة (الفيزياء) التي تقول: إن قوة الجاذبية في هذه الأجزاء من المادة تقل تدريجياً بسبب تباعدها، ومن ثم تتسع المسافة بينها بصورة ملحوظة.

- إخباره عز و جل أن كلا من الليل والنهار يطلب الآخر طلباً سريعا، قال تعالى: {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا} (الأعراف: 54) أي أن كلا من الليل والنهار يطلب الآخر طلباً سريعاً، أي يعقبه دون فاصل، وتحوي هذه الآية إشارة رائعة إلى دوران الأرض محورياً، و هو الدوران الذي يُعتبر سبب مجيء الليل والنهار طبقاً لمعلوماتنا الحديثة، كذلك قال الله تعالى: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} (الزمر: 5) وقال أيضاً: {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ} (الحديد: 6) وقال عز وجل أيضاً: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (الأنبياء: 33).

قال رجل الفضاء الروسي "جاجارين" بعد دورانه في الفضاء حول الأرض: إنه شاهد تعاقباً سريعاً للظلام والنور على سطح الأرض بسبب دوانها المحوري حول الشمس.

- إخباره عز وجل أنه رفع السموات بعمد غير مرئية "الجاذبية"، قال تعالى: {للَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} (الرعد: 2) وهذه الآية مطابقة لما كان يراه الرجل القديم، فإنه كان يشاهد عالماً قائماً بذاته في الفضاء مكوناً من الشمس والقمر والنجوم، ولكنه لم ير لها أية ساريات أو أعمدة، والرجل الحديث يجد في هذه الآية تفسيراً لمشاهداته التي تثبت أن الأجرام السماوية قائمة دون عمد في الفضاء اللانهائي، بيد أن هنالك "عمد غير مرئي" تتمثل في قانون الجاذبية، وهي التي تساعد كل هذه الأجرام على البقاء في أماكنها المحددة.

قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في تفسير هذه الآية: "وقوله: (بغير عمد ترونها) روي عن ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة وغير واحد أنهم قالوا: "لها عمد ولكن لا تُرَى"، فانظر إلى اتفاق ذلك التفسير مع الكشوف العلمية الحديثة.

- إخباره عز وجل أن الضغط الجوي يَقِلُّ بالارتفاع عن سطح الأرض، قال تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} (الأنعام: 125) والذي نعلمه اليوم أن غاز الأكسجين الضروري للتنفس والهواء الجوي عموماً يقل كلما ارتفعنا عن سطح الأرض؛ لذلك يشعر الإنسان بالضيق كلما ازداد ارتفاعاً حتى يصل إلى درجة الاختناق، في هذه الآية دلالة من دلائل النبوة، وشهادة بأن القرآن من عند رب السموات والأرض؛ لأن هذا العلم لم يعرفه عالم أو جاهل من ولد آدم في زمن محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يُعرَف إلا بعد صعود الإنسان في طبقات الجو العليا في العصر الحديث، وصدق الله تعالى إذ يقول: {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} (الفرقان: 6).

- إخباره عزوجل أن الرياح لواقح، قال تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ} (الحجر: 22).

وبالأمس كان الإنسان القديم يرى السحب تتكاثر ثم تمطر السماء، أما اليوم فمن المعلوم أن تكثف بخار الماء على شكل قطرات مطر لا يحدث حتى ولو بلغت نسبة الرطوبة في الكتلة الهوائية 400% بدون توفر ذرات ملحية أو ثلجية بالغة الصغر، وأن الرياح هي التي تقوم بنقل هذه الذرات حتى إذا التقت بكتلة هوائية رطبة بدأ التكاثف ثم يهطل المطر، كذلك تقوم الرياح ببناء السحابة الرعدية حيث تنقل الهواء الدافيء الشديد الرطوبة من الطبقة الملامسة لسطح الأرض إلى طبقات الجو العليا الشديدة البرودة، فيتكاثف ما به من بخار ماء، وتتطور السحابة الرعدية ثم يهطل المطر بإذنه تعالى، كذلك تقوم الرياح بنقل حبوب اللقاح من الزهور المذكرة إلى الزهور المؤنثة فتحدث الثمرة بإذن الله .


النظرية النسبية .... مفاهيم بسيطة

النظرية النسبية .... مفاهيم بسيطة